متى ينتهي هذا البكاء؟ ولماذا يرفض طفلي الطعام فجأة؟
تلك الأسئلة تُراود كل أم وأب عند دخول الطفل مرحلة التسنين. التسنين مرحلة محورية في نمو طفلك، وقد تكون فترة مليئة بالتغيرات والانزعاجات التي قد تبدو بلا نهاية، هذه المقالة ستجيب عن كل ما يدور في عقلك من أسئلة حول التسنين، وكم يوم تستمر أعراض التسنين، وكيفية التعامل معه ومتى يجب استشارة الطبيب.
ما هو التسنين عند الاطفال؟
التسنين هو عملية طبيعية يمر بها الأطفال عندما تبدأ أسنانهم بالظهور من تحت اللثة، إذ يُولد الطفل ولديه مجموعة كاملة من الأسنان اللبنية مختبئة تحت اللثة، ومع مرور الوقت -غالبًا خلال عامه الأول- تبدأ هذه الأسنان بالبزوغ إلى السطح.
يرتبط التسنين غالبًا بألم وانزعاج، إذ قد تصبح اللثة المحيطة بالسن المنتَظر متورمة وحساسة، ومن الشائع الاعتقاد أن الأسنان تشق طريقها عبر اللثة مسببة الألم، ولكن في الحقيقة، يبدأ النسيج اللثوي في التحلل بفعل بعض الهرمونات لتفسح المجال لبروز السن، وهذا ما يسبب التورم والحساسية.
ورغم صعوبة رؤية الطفل يعاني من هذه المرحلة، فإن التسنين يُعد علامة صحية على النمو والتطور، وسرعان ما يمتلئ فم الطفل بأسنان سليمة تساعده على الأكل والنطق والابتسام بثقة.
أعراض التسنين المبكر
تبدأ أعراض التسنين المبكر عادة قبل بروز السن بفترة قصيرة، وقد تكون واضحة أو تمر دون أن تُلاحظ، وتختلف الأعراض من طفل لآخر، إلا أن هناك علامات جسدية وسلوكية شائعة تشير إلى بدء هذه المرحلة:
تغيرات في اللثة
- تورم واحمرار اللثة، خاصة في منطقة السن الجديد، وقد تبدو أكثر بياضًا أو شفافية.
- نتوءات واضحة تحت اللثة دون وجود تقرحات أو بثور.
- رغبة الطفل في الضغط على اللثة باستخدام إصبعك أو أي شيء يمكنه مضغه.
سلوكيات جديدة
- قضم ومضغ الأشياء بكثرة، وهي وسيلة الطفل لتخفيف الألم.
- زيادة سيلان اللعاب، مما قد يؤدي إلى ما يُعرف بـ “طفح التسنين”، ويظهر على الخد أو الذقن أو الصدر نتيجة تهيج الجلد.
- فرك الوجه أو شد الأذن، إذ يحاول الطفل فهم مصدر الإزعاج في فمه.
- وضع اليدين أو الأشياء في الفم باستمرار.
- استكشاف الفك أو الوجه بشكل متكرر.
أعراض جسدية مصاحبة
- ارتفاع طفيف في درجة الحرارة (أقل من 38 مئوية أو 100.4 فهرنهايت)، وتُعرف أحيانًا بـ”حمى التسنين”.
- احمرار الخدين، خصوصًا في الجهة التي تنمو فيها الأسنان.
- سعال خفيف بسبب تجمع اللعاب في الحلق.
- تغيرات في نمط النوم أو الأكل، فقد ينام الطفل أقل من المعتاد أو يفقد شهيته.
- انزعاج وبكاء متكرر دون سبب واضح.
أعراض غير مؤكدة أو تستدعي الحذر
- براز رخو أو طفح في منطقة الحفاض قد يُلاحظها بعض الأهل، ولكنها غير مثبتة علميًا كأعراض مباشرة للتسنين.
- الإسهال، والقيء، والحمى العالية، أو احتقان وسعال شديد ليست من أعراض التسنين، وينبغي استشارة الطبيب عند ظهورها.
- نزيف اللثة أو وجود صديد أو تورم في الوجه تتطلب عناية طبية فورية.
جدول ظهور الاسنان عند الاطفال
يختلف توقيت ظهور الأسنان من طفل لآخر، فبعض الأطفال يبدأون التسنين في عمر 3 أشهر، وآخرون قد لا يظهر لديهم أي سن حتى بعد عمر السنة، ولكن بشكل عام، يبدأ معظم الأطفال التسنين في عمر 6 أشهر تقريبًا، وقد يظهر أول سن في وقت مبكر بعمر 3 أشهر أو متأخر حتى 12 شهرًا.
عادةً تكون القواطع السفلية الأمامية هي أول الأسنان ظهورًا، وتكتمل الأسنان اللبنية العشرون – 10 في الفك العلوي و10 في الفك السفلي – عادةً عند بلوغ الطفل عمر 2 إلى 3 سنوات.
من المهم معرفة أن ترتيب التسنين قد يختلف قليلًا من طفل لآخر، ولا يستدعي القلق إذا لم يتبع الطفل الجدول المعتاد بدقة.
إليكِ جدولًا تقريبيًا لترتيب ومواعيد ظهور الأسنان اللبنية:
الأسنان العلوية (الفك العلوي)
نوع السن | وقت البزوغ |
القاطع المركزي | 8 – 12 أشهر |
القاطع الجانبي | 9 – 13 أشهر |
الناب (الحدبة) | 16 – 22 شهرًا |
الضرس الأول | 13 – 19 شهرًا |
الضرس الثاني | 25 – 33 شهرًا |
الأسنان السفلية (الفك السفلي)
نوع السن | وقت البزوغ |
القاطع المركزي | 6 – 10 أشهر |
القاطع الجانبي | 10 – 16 شهرًا |
الناب (الحدبة) | 17 – 23 شهرًا |
الضرس الأول | 14 – 18 شهرًا |
الضرس الثاني | 23 – 31 شهرًا |
لا داعي للقلق إذا ظهر التسنين مبكرًا أو تأخر قليلًا، فكل طفل ينمو بطريقته الخاصة.
أسباب ألم التسنين لدى الرضع والأطفال الصغار
يبدأ ألم التسنين عندما تتحرك الأسنان التي تكونت أثناء وجود الطفل في الرحم نحو سطح اللثة لتبدأ بالبروز، لا تقوم الأسنان بتمزيق اللثة مباشرة، بل يُفرز الجسم هرمونات تتسبب في موت خلايا سطح اللثة تدريجيًا لتفسح المجال لظهور الأسنان، هذه العملية الطبيعية قد تؤدي إلى تهيج في اللثة يسبب الشعور بالألم، بالإضافة إلى التورم والانزعاج العام، وقد يرافق ذلك أحيانًا ارتفاع طفيف في درجة الحرارة، ولكنه لا يُعد دائمًا من علامات التسنين.
كم يوم تستمر أعراض التسنين؟
رغم أن مرحلة التسنين قد تمتد فترة طويلة، ولكن أعراض التسنين المرتبطة بكل سن على حدة تكون مؤقتة.
غالبًا ما تبدأ أعراض التسنين مثل: زيادة سيلان اللعاب، وحساسية اللثة، والرغبة في العض أو مضغ الأشياء قبل بزوغ السن بعدة أيام، وتشتد الأعراض أثناء بزوغ السن نفسه، ثم تخف تدريجيًا بعد ظهوره، في المجمل، قد تستمر الأعراض المرتبطة بكل سن من يوم إلى سبعة أيام تقريبًا.
طرق تخفيف اعراض التسنين عند الرضع
تختلف استجابة الأطفال للتسنين، لذا قد تحتاجين إلى تجربة عدة طرق حتى تجدي ما يُناسب طفلك، إليكِ أهم الوسائل الآمنة والفعالة لتخفيف أعراض التسنين:
1- تدليك اللثة
- تُعد من أبسط الطرق وأكثرها فعالية، استخدمي إصبعًا نظيفًا، أو قطعة شاش رطبة، أو منشفة نظيفة لفرك لثة طفلك بلطف لعدة دقائق، إذ إن هذا الضغط يُساعد على تخفيف الانزعاج.
- إذا كان عمر طفلك أكبر من سنة، يمكن استخدام قطعة ثلج ملفوفة بقماش ناعم لتبريد اللثة، مع تجنب وضع الثلج مباشرة على الفم.
2- العضّاضات وحلقات التسنين
- توفر العضّاضات تسليةً آمنة للطفل وتساعد في تهدئة اللثة الملتهبة، خاصةً إذا كانت مصنوعة من المطاط الصلب وغير مملوءة بالسوائل.
نصائح مهمة:
- يُمكن تبريد العضاضة أو حلقة التسنين في الثلاجة وليس في المُجمد (الفريزر).
- لا تربطي الحلقة حول رقبة الطفل تجنبًا لخطر الاختناق.
- تجنبي الأنواع البلاستيكية أو الضعيفة التي قد تنكسر.
3- الأطعمة المبردة للمضغ
- إذا كان عمر الطفل 6 أشهر أو أكثر، يمكن تقديم أطعمة باردة طرية مثل:
- قطع من البطيخ أو الموز أو التوت في شبكة مخصصة للأطفال.
- قطعة خبز طري أو خضار مبردة.
تنبيه:
- راقبي طفلك دائمًا أثناء تناوله للطعام لتجنّب خطر الاختناق، وتجنبي تقديم البسكويت أو الأطعمة الغنية بالسكر لتقليل خطر تسوس الأسنان.
4- مخففات الألم (عند الحاجة)
إذا كان الطفل شديد الانزعاج ولم تنفع الطرق الطبيعية:
- يمكن إعطاء الباراسيتامول أو الإيبوبروفين (الخالي من السكر) للأطفال بعمر 3 أشهر فأكثر، حسب تعليمات الطبيب أو الصيدلي.
- لا يُعطى الأسبرين للأطفال دون 16 عامًا.
- استخدمي مسكنات الألم لفترة قصيرة (يوم أو يومين فقط) لتجنّب أي آثار جانبية.
5- التهدئة والاحتضان
- الانشغال باللعب، والاحتضان، والرضاعة، أو حتى التحدث بصوت هادئ قد يُساعد في تهدئة الطفل وتحويل انتباهه عن الألم.
- إذا لم يتمكن من الرضاعة بسبب ألم اللثة، يمكن محاولة إعطائه الحليب باستخدام كوب أو ملعقة.
6- المنتجات الموضعية لتخفيف التسنين
يُفضل تجنب جِلّات التسنين قدر الإمكان، إذ لا توجد أدلة كافية على فعاليتها، ولكن إذا اخترتِ استخدامها:
- استخدمي فقط الجل المصمم خصيصًا للأطفال الرضع.
- تجنبي الجل الذي يحتوي على البنزوكايين أو ليدوكايين، فهي قد تسبب مشاكل خطيرة، مثل: صعوبة التنفس أو حتى الوفاة.
- لا تستخدمي المنتجات غير المرخصة أو المستوردة عبر الإنترنت، خاصة تلك التي تحتوي على مواد مثل: أتروبا بيلادونا المرتبطة بآثار خطيرة.
7- الابتعاد عن العلاجات الخطرة
تجنبي استخدام:
- القلادات أو الأساور أو الخلخال الخاص بالتسنين (سواء من الكهرمان، أو السيليكون أو الخشب)، لأنها قد تسبب الاختناق أو إصابات.
- العلاجات المثلية غير المرخصة، مثل: أقراص أو جلات التسنين التي تحتوي على مكونات غير آمنة.
- المصاصات المجمدة أو الثلج المباشر، فهي قاسية جدًا وقد تؤذي لثة الطفل أو تسبب قضمة صقيع.
8- منع الطفح الجلدي
يسيل لعاب كثير من الأطفال أثناء التسنين، لذلك يجب مسح فم الطفل بلطف بشكل متكرر لتجنب تهيّج الجلد حول الفم أو ظهور الطفح الجلدي.
9- الرضاعة الطبيعية
- الرضاعة قد تُهدئ بعض الأطفال أثناء التسنين، وقد يرغبون في الرضاعة لفترات أطول، وفي المقابل، قد يجد آخرون المصّ مزعجًا بسبب ألم اللثة.
نصيحة مفيدة:
إذا كنتِ ترضعين طبيعيًا، جرّبي تبريد إصبعكِ بالماء ومسح اللثة به قبل الرضاعة لتقليل احتمالية أن يعضّ الطفل الحلمة.
10- تقديم الماء البارد
- إذا كان عمر طفلك أكثر من 6 إلى 9 أشهر، يمكنكِ تقديم كميات صغيرة من الماء البارد في كوب مخصص للأطفال، إذ يُساعد ذلك في تهدئة اللثة وترطيب الجسم في الوقت نفسه.
التسنين مرحلة طبيعية لكنها قد تكون مرهقة لطفلك، الصبر، والعناية، والخيارات الآمنة تساعد على تجاوزها بسلاسة وأمان.
لماذا يصاحب التسنين احمرار في اللثة؟
يرتبط احمرار اللثة خلال التسنين بزيادة تدفق الدم إلى المنطقة استعدادًا لظهور السن، كما أن الطفل في هذه المرحلة يعاني من ضعف مؤقت في جهاز المناعة، نتيجة فقدانه التدريجي للأجسام المضادة التي اكتسبها من الأم، وبسبب شعوره بالحكة وعدم الراحة، يميل إلى وضع يده أو أشياء مختلفة في فمه، مما يُعرض اللثة للملوثات والبكتيريا، كل ذلك قد يؤدي إلى التهابات موضعية واحمرار ملحوظ في اللثة، وقد تُخلط هذه الأعراض أحيانًا مع علامات إصابة بعدوى لا علاقة لها بالتسنين.
هل جل التسنين آمن للرضع؟
لا يُنصح باستخدام جل التسنين للرضع، خصوصًا تلك الأنواع التي تحتوي على البنزوكايين أو الليدوكايين، إذ إنها قد تُسبب آثارًا جانبية خطيرة تهدد حياة الطفل.
حذّرت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) من استخدام هذه المواد لدى الأطفال تحت عمر السنتين، لما قد تسببه من مضاعفات خطيرة مثل: اضطراب في نسبة الأكسجين في الدم (ميتيموغلوبينيميا)، أو مشاكل في القلب والجهاز العصبي.
كما لا يُنصح باستخدام المنتجات التجانسية (الهوميوباثية) أو القلائد وخواتم العنبر، لما تحمله من مخاطر الاختناق أو عدم فعالية مثبتة.
جل التسنين ليس الخيار الأفضل ولا الأكثر أمانًا، ويفضَّل الاعتماد على طرق طبيعية وبسيطة لتخفيف الألم، مع مراجعة الطبيب في حال استمرار الأعراض أو ظهور علامات غير طبيعية.
علامات تشير إلى ضرورة زيارة الطبيب أثناء التسنين
رغم أن التسنين يُعد مرحلة طبيعية من نمو الطفل، إلا أن هناك بعض العلامات والمواقف التي تستدعي زيارة الطبيب أو طبيب الأسنان، وتشمل ما يلي:
- ظهور أعراض غير معتادة: إذا لاحظتِ ارتفاعًا في درجة حرارة طفلك، أو أعراضًا شديدة لا تبدو مرتبطة بالتسنين فقط، يُفضل استشارة طبيب الأطفال للتأكد من عدم وجود مشكلة صحية أخرى.
- القلق من شدة الألم أو تغيرات في سلوك الطفل: التسنين قد يسبب انزعاجًا وصعوبات في النوم، ولكن إذا شعرتِ أن الأعراض مبالغ فيها أو مختلفة عن المألوف، فلا تترددي في التواصل مع الطبيب.
- حدوث إصابة في الفم أو الأسنان: في حال تعرّض الطفل للسقوط أو ضربة على فمه، قد تتضرر الأسنان أو تظهر شقوق أو كسور، وهنا يجب زيارة طبيب الأسنان فورًا لفحص الحالة واتخاذ الإجراء المناسب.
- البدء بالعناية بصحة الفم: يُوصى بزيارة أولى لطبيب الأسنان عند بزوغ أول سن، أو عند بلوغ الطفل 12 شهرًا، أيهما أقرب، خلال هذه الزيارة، سيفحص الطبيب أسنان الطفل، ويقدّم نصائح مهمة حول تنظيف الأسنان، والتغذية، والوقاية من التسوس، والتعامل مع عادات مثل: مص الإبهام أو استخدام اللهاية.
- الحاجة للدعم والمشورة: يمكن للصيدلي أن يساعد في اختيار جل التسنين المناسب أو مسكنات الألم، كما يمكن الاستفادة من دعم الأهل والأصدقاء لتجاوز هذه المرحلة براحة أكبر.
احرصي دائمًا على جعل زيارة طبيب الأسنان تجربة إيجابية لطفلك، وابتعدي عن استخدام التهديد أو التخويف المرتبط بها.
المصادر: