كيف تقلل من خوف طفلك من زيارة طبيب الأسنان؟

هل تشعر بقلق كلما اقترب موعد زيارة طفلك لطبيب الأسنان؟ هل تتحول اللحظات التي تسبق الموعد إلى معركة من الصراخ والبكاء، لتنتهي أنت وطفلك بالإرهاق والإحباط؟ أنت لست وحدك، فخوف الأطفال من العيادة أمر شائع وطبيعي أمام أجواء غريبة مليئة بالأصوات والروائح والأضواء، ولكن، ماذا لو استبدلنا الخوف بالطمأنينة، والدموع بابتسامة؟ وتتحول هذه الزيارة من كابوس مخيف إلى مغامرة ممتعة؟ نقدم لك في هذه المقالة طرقاً عملية تساعدك على جعل زيارة طبيب الأسنان تجربة مريحة وإيجابية، تمهّد لطفلٍ يتمتع بصحة فموية دون قلق، تابع القراءة لتعرف أكثر.

أسباب خوف الأطفال من طبيب الأسنان

يُعد الخوف من زيارة طبيب الأسنان أمرًا شائعًا بين الأطفال، إذ تشير بعض الدراسات إلى أن ما يصل إلى طفلين من كل خمسة أطفال قد يتجنبون الزيارات الدورية بسبب القلق أو الرهاب المرتبط بعلاج الأسنان.

تتعدد أسباب هذا الخوف، وغالبًا ما تبدأ جذوره من البيئة المنزلية، إذ ينقل الآباء أو الأشقاء تجاربهم وقلقهم إلى الطفل سواء من خلال الكلام أو التصرفات، كما أن سماع قصص مزعجة أو أوصاف سلبية عن علاج الأسنان قد يعزز هذه المخاوف.

من أبرز العوامل التي تزيد من قلق الأطفال تجاه زيارة طبيب الأسنان ما يلي:

  • تقليد الوالدين أو الأشقاء الذين يعانون من قلق الأسنان.
  • تجارب مؤلمة سابقة أو فشل محاولات علاج متكررة بسبب الألم أو نقص الخبرة.
  • الانتقال إلى طبيب أسنان جديد بعد تجربة غير مريحة.
  • رؤية أو سماع أصوات أدوات الأسنان المعدنية، أو رائحة العيادة، أو الخوف من الإبر.
  • المبالغة في الحديث عن الألم من قِبل الوالدين، مثل تكرار سؤال الطفل “هل هذا مؤلم؟”.
  • سمات شخصية تجعل الطفل أكثر حساسية وقلقًا من غيره.
  • القلق من الإجراءات الطبية المرتبطة بالأسنان مثل: التخدير أو الخوف من القيء أو فقدان السيطرة على المساحة الشخصية.
  • نقص التهيئة أو الاستعداد النفسي قبل الزيارة الأولى.
  • ارتباط الزيارة بمخاوف أخرى مثل: التكلفة أو المواعيد المتكررة.

كيف تهيئ طفلك قبل زيارة طبيب الأسنان؟

تهيئة الطفل لزيارة طبيب الأسنان خطوة مهمة لتقليل القلق والخوف وتعزيز تجربة إيجابية منذ الصغر، يمكن للوالدين أن يكونوا أكبر داعم للطفل من خلال اتباع مجموعة من الإرشادات العملية مثل:

1- ابدأ مبكرًا

من الأفضل أن يبدأ الطفل بزيارة طبيب الأسنان مع بلوغه عامه الأول أو مع ظهور أول سن لبني، هذا يساعده على الاعتياد على أجواء العيادة مبكرًا، ويمنع تكوّن صورة سلبية أو خوف من المجهول.

2- تحدث معه بصدق وبساطة

اشرح لطفلك مسبقًا ما الذي سيحدث في الموعد بطريقة مبسطة وبألفاظ مريحة، حتى وإن كانت الزيارة مجرد فحص روتيني، ويمكنك أيضًا الاستعانة بالصور أو مقاطع الفيديو أو الألعاب لتوضيح شكل كرسي الأسنان والأدوات والإضاءة، ولكن تجنب استخدام كلمات قد تثير الخوف مثل: ألم، أو حقنة، أو خلع.

3- اعترف بمشاعره وادعمه

ضع نفسك مكان طفلك ولا تستخف بخوفه، استمع إليه واسأله عمّا يقلقه وحاول طمأنته بأن طبيب الأسنان موجود لمساعدته لا لإيذائه، ولا تذكر تجاربك السلبية أو مخاوفك الشخصية أمامه، بل كن قدوة وأظهر شجاعة وهدوءًا عند زيارتك لطبيب الأسنان.

4- شجع وتحدث بإيجابية

اجعل الحديث عن الأسنان وزيارة الطبيب أمرًا طبيعيًا وإيجابيًا، يمكنك تعزيز العادات الصحية بالثناء أو بمكافآت بسيطة، مثل: لعبة صغيرة أو ملصق بعد الموعد، حتى يترقب الطفل التجربة بشغف.

5- استخدم التهيئة من خلال اللعب والقصص

اقرأ مع طفلك كتبًا أو شاهدوا معًا قصصًا مرحة عن زيارة طبيب الأسنان، مثل: قصة “رحلة بيبا بيغ إلى طبيب الأسنان”، ويمكن أيضًا لعب لعبة “طبيب الأسنان” في البيت، بحيث يأخذ الطفل دور الطبيب أو المريض، مما يساعده على تقبل التجربة الحقيقية بسهولة أكبر.

6- وفّر عنصر الطمأنينة

يمكنك اصطحاب لعبة مفضلة للطفل، مثل: دمية محشوة أو بطانية يشعر معها بالراحة، بعض العيادات توفر ألعابًا صغيرة للأطفال أثناء انتظارهم، كما يمكن تشتيت انتباهه خلال الجلسة بسماعات الموسيقى أو مشاهدة فيديو قصير.

7- اختر الوقت والطبيب المناسبين

احجز موعد الزيارة في وقت يكون فيه الطفل مرتاحًا وغير جائع أو متعب، مثل: الصباح الباكر بعد نوم جيد، وحاول أن يزور طفلك نفس الطبيب في كل مرة لبناء علاقة ودية وشعور بالأمان، ومن المفيد أيضًا البحث عن طبيب أسنان متخصص في التعامل مع الأطفال القلقين.

8- كن حاضرًا وهادئًا

وجودك بجانب طفلك يمنحه دعمًا نفسيًا كبيرًا، حاول تشجيعه على التنفس ببطء وهدوء أثناء الفحص، وأظهر أمامه أنك مطمئن وسعيد بوجودك في العيادة، وتذكّر أن توترك ينعكس عليه.

9- تعاون مع المختصين

إذا كان خوف طفلك شديدًا أو استمر رغم المحاولات، لا تتردد في التحدث مع طبيب الأسنان، أو طبيب الأطفال، فهم قادرون على تقديم نصائح عملية إضافية ودعم مباشر.

10- الوقاية أولاً

تذكّر أن الاهتمام اليومي بنظافة الفم والأسنان يقلل من الحاجة إلى إجراءات علاجية معقدة، وبالتالي يخفف القلق من زيارة طبيب الأسنان مستقبلًا.

أهمية اختيار طبيب أسنان متخصص بالأطفال

يُعد اختيار طبيب أسنان متخصص بالأطفال أمرًا أساسيًا لراحة طفلك وصحة فمه، إذ إنه يمتلك خبرة إضافية تؤهله للتعامل مع مشكلات أسنان الأطفال بكفاءة، كما تُصمَّم عياداته لتكون بيئة ودودة ومريحة، تُخفف القلق وتُشجع الطفل على تقبّل الزيارة بثقة.

لا يقتصر دور طبيب أسنان الأطفال على العلاج فحسب، بل يمتد ليشمل تعليم الطفل عادات العناية الفموية منذ الصغر، وتعزيز التزامه بمواعيد الزيارات الدورية، الهدف هو أن يفهم الطفل أن الطبيب وفريقه موجودون لمساعدته على الحفاظ على أسنان صحية، بعيدًا عن الخوف أو القلق.

ومن المزايا المهمة لاختيار طبيب مختص بالأطفال أنه يمتلك أدوات وتقنيات سلوكية متعددة تساعد الطفل على التكيف مع العلاج، مثل:

  • التأقلم التدريجي: عبر تنظيم زيارات قصيرة ومتكررة لتعريض الطفل لجوانب مختلفة من العلاج بشكل تدريجي، مما يخفف من قلقه ويجعل تجربته أكثر إيجابية.
  • إزالة التحسس: إذا كان لدى الطفل خوف محدد، مثل: الخوف من الإبرة، فقد يتم تكرار التعرض لهذا الموقف تدريجيًا في بيئة آمنة حتى يزول القلق.
  • التعزيز الإيجابي: باستخدام عبارات تشجيعية أو مكافآت صغيرة مثل: الملصقات، مما يعزز تعاون الطفل ويُشعره بالإنجاز.
  • أسلوب “أرِ، أخبر، ونفّذ”: إذ يُرِي الطبيب الأداة، ويشرح وظيفتها، ثم يمنح الطفل فرصة لتجربة بسيطة قبل بدء العلاج الحقيقي، مما يزيد من ثقته.
  • التشتيت: من خلال التحدث، أو العد، أو الغناء، أو استخدام الموسيقى والفيديوهات لجعل التجربة أكثر متعة وأقل توترًا.
  • إشارات التوقف: منح الطفل وسيلة للتعبير عن رغبته في التوقف (مثل: رفع اليد)، ليشعر بالسيطرة أثناء العلاج.
  • المتابعة الحذرة: في حال لم يكن الطفل جاهزًا للعلاج الفعلي، يمكن الاكتفاء بالمراقبة الدورية طالما لا يوجد ألم أو مشكلة عاجلة.

إضافة إلى ذلك، يقدم طبيب أسنان الأطفال إجراءات وقائية وعلاجية مهمة مثل: طلاء الفلورايد أو وصف معجون غني بالفلورايد للوقاية من التسوس أو إيقاف تطوره، وفي حال تطلب الأمر، قد يقترح الطبيب:

  • تجربة طبيب آخر داخل نفس العيادة إذا لم يتجاوب الطفل مع طبيبه الأول.
  • إحالة الطفل لخدمات الصحة النفسية للأطفال والمراهقين (CAMHS) عند وجود قلق أو رهاب شديد يتطلب دعمًا متخصصًا.
  • اللجوء إلى التخدير أو التخدير العام في المستشفى لإجراء بعض العلاجات الضرورية بأمان في حال لم تنجح الطرق الأخرى.

اختيار طبيب أسنان متخصص بالأطفال لا يضمن فقط علاجًا فعالًا، بل يوفر لطفلك بيئة آمنة ومريحة، ويساعد على بناء علاقة صحية وإيجابية مع العناية بالأسنان تستمر معه طوال حياته.

متى تبدأ زيارة طبيب الأسنان للأطفال؟

من الأفضل أن تبدأ زيارة الطفل الأولى لطبيب الأسنان في وقت مبكر، وذلك خلال 6 أشهر من ظهور أول سن لبني أو عند إتمامه عامه الأول على الأكثر، وذلك وفقًا لتوصيات الهيئات الطبية العالمية، وتكمن أهمية هذه الزيارة في:

  • حماية الأسنان من التسوس منذ المراحل الأولى.
  • تزويد الأهل بالإرشادات الصحيحة للعناية بالفم والتغذية.
  • تهيئة الطفل لتجربة مريحة وإيجابية تقلل من شعوره بالخوف لاحقًا.

وبعد الزيارة الأولى يُستحسن إجراء فحص دوري كل 6 أشهر أو بحسب ما يراه الطبيب مناسبًا.

نصائح للمحافظة على أسنان الأطفال

من المهم العناية بصحة فم وأسنان طفلك منذ الأيام الأولى، حتى قبل بزوغ أول سن.

  • قبل ظهور الأسنان: نظّفي لثة طفلك بلطف باستخدام قطعة قماش نظيفة ورطبة بعد كل رضعة.
  • من الولادة حتى 3 سنوات: ساعدي طفلك على تنظيف أسنانه مرتين يوميًا لمدة دقيقتين بفرشاة ناعمة، مع استخدام كمية صغيرة جدًا من معجون الأسنان بالفلورايد (بحجم حبة أرز).
  • من 3 سنوات فأكثر: استمرّي في مساعدته على تنظيف أسنانه مرتين يوميًا باستخدام كمية صغيرة من المعجون بالفلورايد، وعلّميه بصق المعجون، عند بدء تلامس الأسنان، استخدمي خيط الأسنان مرة واحدة يوميًا.
  • من 10 سنوات فأكثر: يكون الطفل قادرًا غالبًا على تنظيف أسنانه واستخدام الخيط بنفسه، ولكن شجّعيه على الالتزام مرتين يوميًا بالفرشاة ولمدة دقيقتين، مع استخدام الخيط مرة يوميًا.

عادات غذائية وصحية تدعم صحة الأسنان

  • قدّمي لطفلك كوبًا يحتوي على حليب الأم أو الحليب الصناعي أو الماء عند بلوغه 6 أشهر، وحاولي التوقف عن استخدام الزجاجة مع بلوغه السنة الأولى.
  • لا يُنصح بإعطاء العصائر للأطفال دون عمر السنة، وبعد ذلك، قدّمي كميات محدودة حسب العمر (أقل من 4 أونصات يوميًا للأطفال الصغار، و6 أونصات لعمر 4–6 سنوات، و8 أونصات لعمر 7 سنوات فأكثر)، مع الحرص أن يكون العصير طبيعيًا 100% ويُقدّم مع الوجبات فقط.
  • تجنّبي إعطاء طفلك زجاجة أو كوب يحتوي على الحليب أو العصير عند النوم أو على مدار اليوم، واجعلي الماء هو المشروب الأساسي بين الوجبات.
  • قلّلي من المشروبات السكرية (مثل: الصودا والعصائر الجاهزة والمشروبات الرياضية والحليب المُنكّه) والحلويات اللزجة، وإذا تناولها الطفل، احرصي على تنظيف أسنانه بعد ذلك.
  • أبعدي طفلك عن التدخين السلبي، لأنه يزيد من خطر تسوس الأسنان. 

المصادر:

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *