كم مرة تجاهلت ذلك الألم الخفيف في فكك أو الشعور بعدم الراحة عند فتح فمك؟ قد يكون جسمك يرسل لك إشارات مهمة عن حالة تعرف باسم “ميلان الفك”، على الرغم من أنها قد تبدو مشكلة بسيطة، إلا أن تأثيراتها يمكن أن تكون كبيرة على تناسق ملامح وجهك، وعلى صحة أسنانك وفمك بشكل عام، بل وأيضًا يمكن أن يمتد أثرها إلى وظائف يومية مثل: المضغ والكلام. تابع قراءة هذه المقالة لتعرف أكثر عن مشكلة ميلان أو انحراف الفك وأضرارها وأعراضها وأسبابها وطرق العلاج المناسبة.
ما هو ميلان الفك؟
ميلان الفك أو انحرافه هو حالة يحدث فيها اختلال في تموضع الفك العلوي مع الفك السفلي، بحيث لا ينطبق أحدهما على الآخر بشكل طبيعي، قد يظهر ذلك على هيئة تقدم أو تراجع لأحد الفكين أو انحراف جانبي، مما يؤدي إلى عدم تناسق في شكل الفم والوجه وأحيانًا صعوبة في حركة الفك.
أعراض ميلان الفك
تختلف أعراض ميلان أو انحراف الفك من شخص لآخر تبعًا لشدة الحالة، ولكنها تشمل غالبًا مزيجًا من الأعراض الوظيفية والجمالية، ومنها:
آلام وأعراض عضلية وعصبية
- ألم في الصدغين أو مفصل الفك، وقد يمتد إلى الوجه أو الرأس أو الرقبة والكتفين.
- صداع متكرر مع شد أو تشنج في عضلات الفك والعضلات الماضغة.
- طقطقة أو صرير وألم عند فتح أو إغلاق الفك.
- رنين أو طنين أو أصوات فرقعة في الأذنين.
- صعوبة أو محدودية في فتح الفم بالكامل.
أعراض متعلقة بالأسنان واللثة
- سوء إطباق أو مشاكل في تلامس الأسنان العلوية والسفلية.
- تآكل أو تلف في أسطح الأسنان، مع احتمالية فقدان أو تخلخل الأسنان.
- انحسار اللثة أو التهابها وتلف الأنسجة المحيطة.
- صعوبات في المضغ أو البلع، وأحيانًا مشاكل في النطق.
تأثيرات على شكل الوجه والابتسامة
- عدم تناظر ملامح الوجه أو اختلال التوازن بين جانبيه.
- ابتسامة لثوية عند انخفاض الفك العلوي بشكل زائد.
- وجه طويل مترافق مع عضة مفتوحة ومظهر مشدود.
- ابتسامة بلا أسنان نتيجة صغر الفك العلوي وتراجع الأسنان العلوية للخلف.
اسباب ميلان الفك
تتعدد العوامل التي قد تؤدي إلى ميلان أو انحراف الفك، وتشمل ما يلي:
1- اضطرابات المفصل الصدغي الفكي (TMJ)
يُعد المفصل الصدغي الفكي الرابط الأساسي بين الفك السفلي والجمجمة، وأي خلل فيه أو في العضلات والأربطة المحيطة به قد يؤدي إلى ميلان أو انحراف الفك، ومن أبرز هذه الاضطرابات:
- التهاب المفصل.
- صرير الأسنان (احتكاك الأسنان ليلًا).
- سوء الإطباق.
- خلع المفصل.
- الإصابات والرضوض.
- التوتر والإجهاد.
2- الإصابات والكسور
قد ينتج انحراف الفك عن حوادث أو سقوط أو ضربات مباشرة، إذ يلتئم الكسر بشكل غير منتظم فيغيّر من محاذاة الفكين، ويزداد خطر هذه المضاعفات لدى مرضى هشاشة العظام أو انخفاض كثافة العظام.
3- العيوب والتشوهات الخلقية
قد يولد بعض الأشخاص بعيوب تؤثر على تناسق الوجه والفكين، مثل: حالة صغر نصف الوجه التي تؤدي إلى نمو غير متساوي لعظام الفك، مما يسبب أسنان مائلة أو ذقنًا متجهًا لجانب واحد، كما قد ترتبط بعض الحالات بمتلازمة بيير روبن أو انشقاق الشفة والحنك، وتظهر شدتها بشكل متباين بين حالة وأخرى.
4- سوء إطباق الأسنان
عندما لا تتطابق الأسنان العلوية مع السفلية عند إغلاق الفم، يحدث ضغط غير متوازن يؤدي لانحراف الفك، قد ينشأ سوء الإطباق بسبب:
- عوامل وراثية.
- عادات مثل: مص الإبهام أو دفع اللسان.
- فقدان الأسنان أو وجود أسنان إضافية.
- انحشار أو تشوه الأسنان.
- أجهزة تقويم أو حشوات غير ملائمة.
5- تشوهات النمو
في بعض الحالات، قد يضعف نمو أحد جانبي الفك نتيجة مشاكل في المفصل أو إصابات خلال فترة الطفولة، مما يؤدي إلى عدم التوازن بين الجانبين.
6- الحالات المرضية والأورام
قد تسهم بعض الأورام أو الحالات الطبية الأخرى في التأثير على نمو أو محاذاة عظام الفك مسببة ميلانه.
أنواع ميلان الفك
يظهر ميلان أو انحراف الفك بعدة صور، تختلف حسب اتجاه الانحراف وشدته، وتشمل:
1- بروز الفك العلوي (الاندفاع للأمام)
في هذه الحالة يتقدم الفك العلوي إلى الأمام مقارنة بالفك السفلي، مما يسبب خللاً في الإطباق ويؤثر على تناسق الوجه، وغالبًا يكون السبب عوامل وراثية أو تشوهات خلقية في نمو العظام، وقد تساهم العادات السيئة مثل: مص الأصابع في حدوثه، ويؤدي بروز الفك إلى صعوبات في النطق والمضغ والبلع، بالإضافة إلى مشاكل في التنفس قد تصل إلى الشخير أو انقطاع النفس أثناء النوم.
2- بروز الفك السفلي أو انكماشه
- البروز: يتقدم الفك السفلي إلى الأمام مسببًا بروز الذقن والأسنان السفلية، وغالبًا يرتبط بمشاكل هيكلية أو صدمات وإصابات في مفصل الفك، أو بعوامل وراثية.
- الانكماش: يتراجع الفك السفلي للخلف مقارنة بالفك العلوي، وقد ينتج عن اضطرابات النمو أو خلل في العضلات.
كلا الحالتين تسببان سوء إطباق الأسنان، وخللاً في تناسق الوجه، وصعوبات في النطق والمضغ.
3- الانحراف الجانبي للفك
- يميل الفك إلى أحد الجانبين، ويُعد من أكثر صور الانحراف وضوحًا، وينشأ غالبًا بسبب نمو غير متساوي لمفاصل الفك (فرط أو نقص تنسج اللقمة)، أو اختلال توازن عضلات المضغ، أو سوء إطباق الأسنان مثل: العضة المتصالبة.
- يترافق الانحراف الجانبي مع آلام المفصل الصدغي الفكي، صعوبة فتح وإغلاق الفم، تشنج أو ضعف عضلات المضغ، بالإضافة إلى مشاكل في البلع والكلام والتنفس.
أضرار ميلان الفك
قد لا يُسبب ميلان أو انحراف الفك الطفيف أي مشاكل ملحوظة، ولكن الحالات الأكثر شدة قد تؤدي إلى تأثيرات واسعة على الحياة اليومية، فقد يعيق القدرة على: المضغ، والبلع، والتنفس أو التحدث بوضوح، كما ينعكس سلبًا على المظهر الخارجي وصحة الأسنان واللثة.
إلى جانب ذلك، قد يُسبب اضطرابات في النوم ومشاكل نفسية مثل: قلة الثقة بالنفس أو انخفاض تقدير الذات، أما لدى الأطفال، فقد يؤثر سوء الإطباق على: النطق، والتعلم، والنمو بشكل عام، لذلك، يُنصح بمراجعة الطبيب عند ظهور أي أعراض مرتبطة بميلان الفك لتفادي مضاعفاته.
علاج ميلان الفك
يعتمد اختيار العلاج المناسب لميلان أو انحراف الفك على شدته وسببه، ومدى تأثيره على الوظائف الحيوية والمظهر الخارجي، ففي الحالات البسيطة قد لا تحتاج إلى أي تدخل، بينما تتطلب الحالات المتقدمة تدخلات طبية أو جراحية.
1-علاج ميلان الفك بدون جراحة
- التعايش والعناية اليومية: إذا كانت الأعراض طفيفة أو غير موجودة، يكفي التركيز على الحفاظ على صحة الفم والأسنان عبر تنظيف الأسنان مرتين يوميًا، واستخدام الخيط أو الفرشاة ما بين الأسنان، والمضمضة بغسول مناسب، واتباع نظام غذائي قليل السكريات، والمراجعة الدورية لطبيب الأسنان.
- الحلول التجميلية للأسنان: مثل برد الأسنان أو تعديل مظهرها لتحسين تناسق الابتسامة، ورغم أنها لا تُعالج السبب الجذري، إلا أنها تعزز الشكل الجمالي والثقة بالنفس.
2- علاج ميلان الفك بالتقويم
يُعد تقويم الأسنان حجر الأساس في تصحيح محاذاة الفك والعضة، خاصة عند الأطفال والمراهقين في مرحلة النمو، وتختلف الأجهزة حسب الحالة، وتشمل ما يلي:
- التقويم التقليدي: يعتمد على أقواس وأسلاك معدنية لتعديل وضع الأسنان تدريجيًا.
- التقويم الشفاف (مثل: إنفيزلاين): بدائل تجميلية لتصحيح الأسنان والعضة.
- أجهزة الرأس (Headgear) أو قناع الوجه: لتوجيه نمو الفك أو تصحيح بروز الفك السفلي.
- موسع الفك العلوي: لتوسيع الفك وتصحيح التزاحم.
- الجبائر وواقيات الفم: للمساعدة في إعادة محاذاة الأسنان والتقليل من صرير الأسنان أو اضطرابات المفصل الصدغي الفكي.
- الجسور السنية أو إعادة تشكيل الأسنان: في حال وجود أسنان مفقودة أو تزاحم شديد.
3- علاج ميلان الفك بالجراحة
عند فشل العلاجات الأخرى أو في الحالات الشديدة، قد يُوصى بجراحة تقويم الفكين، والتي تهدف إلى إعادة وضع الفك العلوي أو السفلي في موقعه الصحيح، ومن أبرز أنواعها:
- قطع عظم الفك العلوي: لتصحيح بروز الفك أو العضة المفتوحة.
- قطع عظم الفك السفلي: لعلاج بروز الفك السفلي.
- رأب الذقن: لتصحيح الذقن الصغير أو غير المتناسق.
يُدمج عادةً هذا النوع من الجراحة مع تقويم الأسنان لتحقيق أفضل النتائج، وتكون فترة التعافي قصيرة غالبًا (إقامة يوم واحد في المستشفى وأسبوع للراحة)، وقد تُستخدم الأسلاك أو الأربطة المطاطية مؤقتًا لتثبيت الفك.
4- إدارة الألم والأعراض
بعض الحالات ترتبط بآلام المفصل الصدغي الفكي، وهنا يلجأ الأطباء إلى وسائل لتخفيف الأعراض بجانب العلاج الأساسي، ومنها:
- الكمادات الباردة أو الدافئة وتمارين الفك.
- تناول الأطعمة اللينة لتقليل الجهد على الفك.
- الأدوية: مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية أو مرخيات العضلات، وأحيانًا أدوية القلق أو مضادات الاكتئاب بجرعات منخفضة.
- العلاجات المساندة: مثل الوخز بالإبر، والعلاج بالموجات فوق الصوتية أو الراديوية، والتحفيز الكهربائي للأعصاب (TENS)، وحقن نقاط الزناد أو البوتوكس لتخفيف التشنجات والألم.
- تقنيات الاسترخاء كاليوغا، وتمارين التنفس والتأمل لتخفيف توتر عضلات الفك.
كيف تحمي نفسك من الإصابة بميلان الفك؟
رغم أن بعض حالات ميلان أو انحراف الفك ترجع لعوامل وراثية أو بنيوية يصعب التحكم بها، إلا أن اتباع نمط صحي يُساعد على تقليل فرص تفاقم المشكلة، مثل:
- تجنّب العادات الضارة كصرير الأسنان أو مضغ أشياء صلبة بانتظام.
- علاج أي مشكلات مبكرة في الأسنان أو المفصل الصدغي فور ظهورها.
- الاهتمام بنظافة الفم والأسنان بشكل يومي.
- المراجعة الدورية لطبيب الأسنان لاكتشاف أي خلل في مرحلة مبكرة.
المصادر: